يمكن لكل واحد من بلايين الناس الموجودين على الأرض أن يذهب إلى أقرب شاطئ له ويمد يديه ليملأهما بماء البحر. يمكنه أن يأخذ قدر ما يحتاج، بل قدر ما يريد، وسيبقى المحيط من دون تغيير. وستكون سعة المحيط وقوته كما هما. وستظل الحياة في أعماقه العصيّة عن الاستقصاء بلا تغيير مع أنها وفرت احتياجات كل الأشخاص الواقفين الذين مدوا أيديهم على محاذاة شواطئه.
يمكن أن يقال الشيء نفسه عن الله مع الفارق الكبير. ولعل اتساع المحيط صورة مصغرة لاتساع الله غير المحدود. (فليس غريبًا أن تعكس المخلوقات شيئًا من طبيعة الخالق نفسه. فمن يتأمل الطبيعة التي خلقها الله يكون قريبًا من الله.) والله متّسع بما لا يقاس، ولا يمكن الإحاطة بعظمته وقدرته. ويشمل هذا ما يلي: 1. موارده التي لا تنضب. فمهما أغدق علينا من نعمته وبركاته، فإن مخازنه لا تقل، ولا خوف من مجيء يوم يعلن فيه إفلاسه! ولهذا يسرّ في محبته وكرَمه أن يباركنا بكل ما لديه غير خائف من أن يواجه نقصًا فيها.
- ووجوده الكلي أمر مذهل أيضًا. وهو جانب آخر من اتساعه وعظمته. فهو يستطيع أن يكون في كل مكان في آنٍ واحد. فلا يحده مكان. بل كل مكان حاضر أمامه دائمًا. ولهذا يقدر أن يصغي إلى صلوات كل الذين يدعون باسمه في كل بقعة من الأرض في كل وقت. وهو لا يحتاج إلى التفرّغ للاهتمام بمكان معين أو شخص معيّن دون آخر في وقت معيّن. وهو لا يوزع اهتمامه بين موضوعات متنوعة محددًا أولوياته. بل يعطي كل اهتمامه لكل موضوع وشخص، مجريًا عجائب قوية.
- يحافظ على تماسك الكون بكلمته القديرة، محافظًا على كل نجمة في مكانها. فهو “حامل كل الأشياء بكلمة قدرته.” (عبرانيين 1: 3) وتعكس هذه الصورة توجيهه لكل الكون إلى القصد المطلوب. فلا يوجد حد لقوته. لم يترك الله العالم ليسير نفسه بعد أن خلقه. لكنه ما زال يعمل فيه. فالطبيعة المخلوقة تفتقر إلى الإرادة الذكاء والقدرة على تسيير ذاتها. ولا يوجد حد لله. فالمحدوديات هي تصورات بشرية لمخلوقات محدودة.
- ولا يوجد حد لحكمة الله. “يَا لَعُمْقِ غِنَى اللهِ وَحِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ! مَا أَبْعَدَ أَحْكَامَهُ عَنِ الْفَحْصِ وَطُرُقَهُ عَنِ الاسْتِقْصَاءِ! «لأَنْ مَنْ عَرَفَ فِكْرَ الرَّبِّ؟ أَوْ مَنْ صَارَ لَهُ مُشِيرًا؟ أَوْ مَنْ سَبَقَ فَأَعْطَاهُ فَيُكَافَأَ؟». لأَنَّ مِنْهُ وَبِهِ وَلَهُ كُلَّ الأَشْيَاءِ. لَهُ الْمَجْدُ إِلَى الأَبَدِ. آمِينَ.” (رومية 12: 33 – 36) ولهذا لا عجب أننا لا نستوعب حكمته كلها.
- ولا يوجد حد لمحبته. بل إنه هو نفسه محبة. وهو الذي يلهم المحبة. وهو يحبنا على مستواه، لا على شاكلة الحب البشري! فالله يحبنا نفس محبته للمسيح. (يوحنا 17: 23) 6. ولا يوجد حد لرحمته. فهي تطال الجميع، وهو لا يبخل بها على كل شخص يطلبها، مهما عظمت خطاياه وتعمقت معاصيه.
هذا الإله غير المحدود هو إلى جانبك. وهو يريد أن يثري حياتك بأحسن ما لديه. فاسمح لكلمات صفنيا 3: 17 أن تشجعك اليوم: “الرَّبُّ إِلهُكِ فِي وَسَطِكِ جَبَّارٌ. يُخَلِّصُ. يَبْتَهِجُ بِكِ فَرَحًا. يَسْكُتُ فِي مَحَبَّتِهِ. يَبْتَهِجُ بِكِ بِتَرَنُّمٍ”.