إذا خطر ببالك يومًا أن القرارات التي اتخذتها تافهة أو بلا قيمة، فأَعِد النظر في ذلك. فقراراتك تؤثر لا في موقعك الحالي وزمنك الراهن فحسب، بل قد تمتد في آثارها إلى أماكن أخرى بعيدة وزمن آخر، وربما تمتد إلى الأبدية. ويمكن لقرار واحد أن يحدد مسار مستقبلك، سواء أكان سلبًا أم إيجابًا. فلا تستخف بوزن قراراتك. تعلّمنا قصة راعوث في الكتاب المقدّس الكثير عن أهمية قراراتنا. يصف الإصحاح الأول من سفر راعوث امرأة يهودية تدعى نُعمى ارتحلت من مدينة بيت لحم مع زوجها وابنيها ليستقروا في موآب لتنجو من زمن المجاعة في إسرائيل. وكبر ابناها وتزوّجا من امرأتين موآبيتين، هما عُرفة وراعوث. وفي نهاية المطاف، مات الأزواج الثلاثة تاركين عرفة وراعوث ونعمى أرامل. فكانت تلك عاقبة مؤسفة لم تكن في الحسبان. ولأنه لم يعد لنعمى رجل تحيا ظل حمايته ورعايته، قررتْ العودة إلى موطنها في بيت لحم. عرضت كنّتاها أن ترافقاها ليلازماها حيث تذهب. لكنها طلبت من عرفة وراعوث أن تبقيا في موآب. وسيتقرر مصير هاتين المرأتين بقرار واحد: هل يمكن لهما أن تتخليا عن نعمى والبقاء في أرض موآب الوثنية أم أن تلازماها وتتبعا إلهها الحقيقي؟ اتخذت كل واحدة منهما قرارًا، حيث بقيت عُرفة في موآب، بينما أصرت راعوث على أن تكون مع نعمى وأنت تنتسب إلى شعبها وتعبد إلهها.
أدى قرار راعوث الواحد بالتكريس لنعمى إلى أن تكون في وضع يسمح لها بالزواج من بوعز، الذي صار جَدَّ يسّى الذي صار أبا لداود الذي تنتسب إليه عائلة السيد المسيح. وضع هذا القرار الوحيد راعوث في سلسلة نسب المسيح البشري. وقد أحدث نجاحها في امتحان المعدن الأخلاقي والتكريس والولاء فرقًا في حياتها. ومن المؤكد أنه ستحصل على مثل هذا الشرف العظيم. وأما عُرفة، فقد نُسيتْ تمامًا ولم يكن لها دور في الملحمة التي سطّرها الله لاحقًا. ولا ندري إن كانت تمسكت بالإله الحقيقي الذي عرفتها به حماتها، أو إذا عادت إلى عبادة الأوثان مثل بقية عائلتها القديمة وثقافتها السائدة. غالبًا ما يعطينا الله امتحانات غير معلنة، وغالبًا ما نخوض فيها بمرارة، وسرعان ما نسارع إلى الخروج من قسوتها من دون أن نفطن إلى أنها فرصة للاستجابة الإيجابية لله. لكي يكافئنا بأن ينقلنا إلى مستوى آخر من الحياة معه، ولكي يستخدمنا بحرية لمجده. ولهذا، فإنه لأمر حيوي أن نعرف كيف نتعامل مع هذه الامتحانات مدركين الاحتمالات المتاحة. وتعلّمنا قصة راعوث أنه أمرٌ مُجْزٍ أن ننجح في الامتحانات التي يقدمها الله لنا!
فراقب امتحانات الله غير المعلنة لك. فعندما تدخل في ضيقة شديدة جديدة، أو عندما تهب رياح الانتقاد أو الظلم أو الاضطهاد، يمكنك أن تتوقف لتتأمل الموقف: هل هذا قدر لا أملك إلا أن أشكو أو أتذمر منه أو أهرب أو أن أشكك في وجود الله أو صلاحه أو محبته لي، أم أنه امتحان أعدّه لي إله محب يريدني أن أنجح فيه، وأنه مستعد أن يعينني فيه؟ ومن المهم أن تطرح السؤال الصحيح لتعرف الجواب الصحيح! والنجاح هو فرح لله. فخياراتك تهم، فاجعلها حكيمة.